كتاب نحل العسل المعجزة
يعد كتاب نحل العسل المعجزة طفرة مميزة في ادبيات النحل لمؤلفه البروفسور "يورغن تاوتز" والذي قام بترجمنه إلى العربية الباحث الأردني الدكتور نزار حداد .
و لقي هذا الكتاب رواجا عالميا حيث تمت ترجمته إلى أربع عشرة لغة في عام واحد (2008) من بينها اللغة العربية. وقد تميزت الترجمة العربية عن غيرها من الترجمات بالتنسيق المباشر مع المؤلف إثناء الترجمة لكي تبتعد عن الترجمة الحرفية التقنية، وليكون الكتاب أداة علمية وإنسانية في آن واحد. ويجد القارئ سواء كان متخصصا في علم النحل أو الأحياء أو الحشرات مادة علمية زخمة ليس لها مثيلا سابقا في اللغة العربية، كما ويمكن للطالب في هذا العلوم أن يجد فيه معلما يرشده إلى أمور لم يعرفها من قبل. كما ويمكن لمربي النحل أن يجد فيه تفسيراً لتلك الظواهر التي لا يستطيع فهما من سلوك النحل. وما يميز الكتاب عن غيره، انه يأت بأدق العلوم، وأصعبها فهما بطريقة سهلة، ليقدمها للقارئ على شكل مقارنات و مقاربات بين ما يدور في طائفة النحل، و ما يدور بالطبيعة من حولها، معتبراً هذه الطائفة كائنا حيا واحدا يعيش في أفراد متعددة.ولا شك في أن هذا الكتاب يكشف الكثير من المعلومات الغامضة التي أحاطت بطائفة النحل، وأزال كثيرا من المفاهيم التي بدت وكأنها معجزة في سلوكه، وأعطاها تفسيرا علميا منطقيا مبنيا على تكامل جميع أفراد الطائفة.
*ماهي المعجزة العلمية التي كشفها الكتاب عن عالم النحل؟
يقدم لنا كتاب "نحل العسل- المعجزة" دراسية علمية أساسية مستفيضة لنحل العسل، لم يسبق وأن دُرِست بهذا الشكل الدقيق والعميق والمصور. ويتطرق الكتاب إلى نشاطات نحل العسل في تطبيق تكنولوجيا معقدة للغاية، واستخدامها في نمط حياته المتكامل، سواء في داخل الخلية أو خارجها. ويصور لنا الكتاب نحل العسل كأنموذج رائع لتعايش أفراد كائن حي، فائق التنظيم، يصلح أن يكون قدوة لتعايش أفراد المجتمع البشري.
ومجتمع نحل العسل لا يفرط بخليته وأقراصه الشمعية (موطنه) وغيرها من مكونات الخلية الأخرى، ولا بأفراد خليته (مجتمعه)، بل يعتبرها كلا متكاملاً، متلاحماً، متلاصقاً، ويقوم بجميع أنشطته على هذا الأساس.
ويقدم هذا الكتاب دراسة لحياة نحل العسل، باستخدام أحدث طرق البحث العلمي الكيميائية والفيزيائية والسلوك البيولوجي والتقنيات الحيوية، لنستطيع فهم وإدراك ما يدور داخل هذا المجتمع فائق التنظيم.
وقد استطاع مؤلف هذا الكتاب من خلال جهد مضني وعمل شاق، الوصول إلى مكنونات سلوك وغرائز وأحاسيس نحل العسل، التي استطاع بواسطتها تنظيم حياة مملكته بشكل ناجح للغاية. وكتاب "نحل العسل- المعجزة" لا يقوم بإرشادنا إلى الطرق التقنية في تربية النحل، كما أتت به الكتب التقليدية الأخرى. بل يبين لنا كيف تعمل طائفة نحل العسل التي تحتوي في داخلها آلاف الأفراد الذين يعملون معا وكأنهم فرد واحد.
إن نحل العسل، كما يوضح لنا هذا الكتاب، يُشكل أنموذجاً تكنولوجيا متكاملاً من شبكة من المعلومات والاتصالات، مما يعطيه القدرة على تطبيق العمل الجماعي على أكمل وجه. ويقارب هذا الكتاب بين نحل العسل وما بين الثديات. ولكن بفارق واحد، هو أن الثديات تطعم فيها الأم أبنائها بينما تنبري لهذه المهمة عاملات نحل العسل لتتفرغ الأم للتكاثر.
لعل ابلغ تشبيه لقرص الشمع، هو الوطن، لكون هذا القرص يشكل رحماً تنمو فيه البيوض، ومستودعاً يخزن فيه العسل وحبوب اللقاح، وساحةً لتأدية رقصات التواصل والاتصالات والتحادث والتفاهم والتلاقي بين أفراد الخلية مما يضمن بقاءها حيه. ويقضي نحل العسل 90% من حياته داخل الأقراص آو فوقها، فيصرف وقتاً في تدفئتها او تبريدها حسب الحاجة. كما ويفرز من جسمه إفرازات شمعية لبنائها. ويوجه المؤلف نظر القارئ إلى هذا الأمر بطريقة غير مباشرة ملهماً المواطن بواجباته تجاه وطنه.
ولعل العلاقة الأسرية بين أفراد خلية النحل واحدة من أكثر الأمور سحرا في هذه الخلية، حيث يعود إنتاج العسل إلى هذه العلاقة وليس العكس. وبكلمات أخرى فرابطة العسل التي صبغ بها نحل العسل ليست سبب إنتاجه العسل بحد ذاته، بل أن الرابطة الأسرية هي التي تدفع النحلَ لإنتاج العسل، والقيام بواجبات الخلية الأخرى. مما يدعو أفراد المجتمعات البشرية إلى التفـكـّر واخذ العبر من مجتمع النحل فائق التنظيم.
__________________
.................................................. ..
.............................................
.........................................
.....................................
|