رد: رحلة العسل .. من الفراعنة إلى العرب
وفي أساطير الهند القديمة شغل النحل مكاناً متميزاً واعتبرت النحلة حشرة مقدسة, وكانوا يعتقدون أن إلههم الأكبر "فيشنو" الذي خلق الشمس وأوجد الحياة في الكون تمثل في نحلة تستريح فوق زهرة اللوتس , كما صور إله الحب عندهم "كاما" مرفوع على رأسه التاج وحوله إكليل مكوّن من سلسلة من النحل وفيها رمز إلى أن سهام الحب يمكن أن تجلب الألم كما تجلب السعادة ومنذ 6000 سنة إستعمل الهنود العسل كغذاء والعكبر كمادة لتضميد الجروح ,والهنود القدامى نسبوا للعسل منالمزايا الشفائية والمقوية وكانوا يكتحلون بالعسل لمعالجة أمراض العين ،وفي كتاب الحياة Ayur vedaوقوانين مانو شرح عن أكسير الحياة لإطالة العمر، وأنهمكوّن من اللبن والعسل.
ومنذ 2000 عاماً أشار المؤلف الصينيShen Nong’s Book of Herbs إلى أن العسلوشهد النحل وخبز النحل من المواد المصنفة الأولى من حيث عدم سموميتها والتييمكن أخذها بصفة إعتيادية لعلاج الأمراض والإعتناء بالصحة . ومنذ200عاماً ق.م ، بالصين في" الإثنان وخمسون وصفة " كتبت على لفافات حريرية ، إثنتان منها متعلقة بالإستعمالالطبي لخبز النحل والعسل.
وقد جاءت وثائق منالصين تشير إلى أن أطباءهم كان يعالجون المصابين بالجدري بطلي أجسامهم بالعسل لمارأوا من سرعة شفائهم به، وأنه يمنع حصول الندب المعيبة التي يخلفها هذا الداءالوبيل، كما نقل عنهم معرفتهم بخواص العسل الحافظة والمغذية للبشرة والمبيضة لهاأيضاً حيث كانوا يمزجونه مع شمع العسل.
واعتقد الإغريق من أتباع المذهب الروحي بأن العسليطيل العمر، وإن فيثاغورس وديموقراطوس فكرا بإطالة عمريهما بجعل العسل جزءاً منغذائهما اليومي, وقد اعتاد مصارعوا الإغريق تناول العسل وخصوصاً قبل تمارينهمالرياضية وأشارت أساطير اليونان بالعسل المحضّر من قبل صيادلة ذلك العصر (النحلات)ووصفته بأنه الندى الذي تقطره نجوم السماء وأقواس قزح، والذي ينحدر إلينا بواسطةالأزهار, وكان شاعرهم هوميروس يتغنى بالعسل وبخصائصه الممتازة في ملحمته الخالدةالإلياذة والأوديسة, كما أن بيفاغور أبرز في أشعاره خواص العسل الدوائيةالمعروفة حينذاك.
وكان الفيلسوف اليوناني أرسطاطاليس خبيراً بالطب وقد مدحبإطناب رجل النحل المسمر، وبيّن أن العسل يملك خواص ذاتية فريدة من نوعها وأنه يقويالصحة ويطيل العمر, كما أن أبو قراط يعتمد على العسل في غذائه الخاص ويعالج بهكثيراً من الأمراض كالجروح والإلتهابات البلعومية، وله شراب محضر من العسل يصفهكمهدئ للسعال وماص للرطوبة.
أما المؤرخ بليني صاحب كتاب "التاريخ الطبيعي" فقد أشار إلى خواص العسل الشفائية في معالجة الجروح وتقرحات الفم، وذكرهالعالم الإغريقي "ديوسكوريدوس" كعلاج ناجح في أمراض الجهاز الهضمي ولمعالجة الجروحالمتقيحة والبواسير، كما أشار الطبيب كلافدي غالن بشكل خاص في قروح الفم وكان يعالجالجروح بعجينة مكونة من العسل والطحين. كما كان يصف العسل لمعالجة حالات التسممولآفات جهاز الهضم.
__________________
منتصر الحسناوي
|