بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
يكون العسل سائلاً لزجاً عند نضجهِ , ثم يأخذ بالتبلور تدريجياً إلى أن يتجمد وهنا تدور الكثير من التساؤلات حول هذا التبلور أو التجرش أو التشكر وقد يحصل البت من قبل الكثير من الناس بأن هذا العسل مغشوش وغير طبيعي لكن هذه الآراء بالتأكيد غير صحيحة ولا تستند إلى المنطق العلمي والتجربة العلمية, فكل عسل نقي طبيعي ممكن أن يتبلور و يمكن لخاصية التبلور أن تتم منتهية أومتجزأة - تامة أو متقطعة- بلورات معيبة أو جميلة
فالعسل المتبلور هو العسل المصفى بحالة طبيعية ترك فيدرجة حرارة أقل من 22م تتجمع السكريات على شكل بلورات تعطي العسل شكلاً حبيبياً وتعكر العسل في ذات الوقت الذي يتصلب قوامه ويتشكل على سطحه غشاء رقيق ابيض وحبيبي تزيد سماكته تدريجياً, ان هذا ناتج عن تبلور سكر الكلوكوز ويبقى سكر الفركتوز ذائباً في الماءالذي لازال موجوداً بين بلورات الكلوكوز ولا تلبث البنية الحبيبية ان تجتاح مجمل كتلة العسل وبشكل تدريجي .
وقد يفهم بعض الناس هذه الحالة بأنها نوع من الغش وهذا مفهوم خاطئ وقد اظهرت التجارب ان حجم البلورات وسرعة تكوينها يتوقفان على عدة عوامل اهمها عدد البلورات الاولية لسكر الكلوكوزالموجودة في العسل أثناء فرزه وقد وجد ان العسل المستخلص من اقراص شمعية عتيقة تكرراستعمالها في عدة مواسم يتبلور بسرعة ويتحول الى كتلة دقيقة الحبيبات كالدهن المتجمد نظراً لوجود عدد كبير من البلورات السكرية الاولية فيه اما العسل المستخلص من اقراص شمعية جديدة فيكون بطيء التبلور وتوجد علاقة مباشرة بين درجة الحرارةوسرعة التبلور حيث تتكون البلورات السكرية بسرعة كبيرة عند حفظ العسل في مكان دافئ لان لزوجته تنخفض وتتكدس مجاميع البلورات او الحبيبات في القاع على هيئة راسب، امااذا حفظ العسل في مكان بارد فإن لزوجته تزيد وتبطئ عملية الترسيب وبذلك يكون لدىالحبيبات الوقت الكافي كي تنمو وتتحد قبل ان تترسب ويبدأ تصلب العسل بتكوين الحبيبات التي تتماسك وتؤدي الى تبلوره. ويختلف شكل ولون الحبيبات المتبلورة في العسل حسب مصدر الرحيق ومكانه (بعض الاعسال يتبلور بصورة متجانسة، بينما البعض الاخرقد يظهر سائلاً في الاعلى وتترسب البلورات في الاسفل). و تختلف سرعة التبلور من نوع الى آخر فبعض انواع العسل يتبلور بعد إنتاجه مباشرة مثل عسل وردة الشمس والقطن واليَقطـين والبعض الآخر قد يستمر على هيئة سائل عدة سنوات مثل عسل السدر.
وقد وجد ان هناك عوامل كثيرة تساعد على التبلور (التحبب) ومنضمنها:-
1. النسبة المئوية لسكر الكلوكوز الى نسبة الرطوبة%g/wكلما اقتربت النسبةمن 1.5 يكون التبلور بطيئاً وتزداد سرعة التبلور بارتفاع النسبة.
2. النسبةالمئوية للسكريات المختزلة (الكلوكوز الى الفركتوز)%g/fغالباً ما تكون أقل من الواحد الصحيح وكلما قربت النسبة من الواحد الصحيح كان الميل الى التبلور سريعاً والعكس صحيح.
3. حبوب اللقاح التي تعتبر نواة للتبلور تتجمع عليها وتترسب في القاع السكريات حتى يكتمل التبلور.
4. درجة حرارة حفظ العسل والتي تقل عن درجة 14م
5. إستخدام اقراص شمعية قديمة (تكرر إستخدامها) .
هذه الخاصية (التبلور) ممكن ازالتها بمعاملة العسل في حمام مائي(ماء ساخن) بحيث لا تتجاوز درجة حرارة العسل عن40-60م حتى لا تتأثر مكوناته العلاجية كالإنزيمات وغيرها من الخواص العلاجية التي تتكسر بالحرارة، فكثير من الاعسال المعبأة في المصانع تُعَرض الى معاملة حرارية لتقطع عملية التبلور وتمنع حدوثها وبمثابة بسترة للعسل للقضاء على الخمائر والفطريات التي تفسد العسل بإحداث التخمر وهذه الحرارة اذا كانت عالية قد تؤدي الى خفض الخواص العلاجية له كما انه يتعرض الى تصفية لازالة حبوب اللقاح لكي لا تكون نواة للتبلور و هذا الاجراء يفقد العسل معظم الفيتامينات و المواد المهمه في حبوب اللقاح.
لذا من المهم معرفة ان التبلور ليس من عيوب الجودة انما هو صفة طبيعية من صفات العسل الطبيعي .
لذا ننصح المستهلك ان يتناول العسل المتبلور بدون اي معاملة حرارية حتى تتم الاستفادة الكاملة من قيمته العلاجية ولكن اذا اريد تسويقه فإنه من المستحسن لتاجر العسل معاملته حرارياً كما ذكر سابقاً لازالة التبلور دون المساس بالخواص العلاجية.
وحيث أن العسل السائل المفضل عادة من قبل الناس فننصحهم بعدم وضعة في الثلاجة وخزنة في أمكنه لا تسمح له بالتبلور أي في درجة حرارة تزيد على ( 25م) خاصة إذا ما علمنا أن أفضل درجات الحرارة ملائمة للتبلور تتراوح ما بين (10- 15م) .
تخزين العســل :
من الخطورة تخزين العسل في أوعية معدنية لأن الحديد يتحد مع السكر منتجاً مواد سامة ,ويجب أن تكون أواني التعبئة أو التخزين من الزجاج الإستانلي ستيل أو عبوات بلاستيكية مخصصة للإستهلاك الأدمي ويراعى أن تكون هذه العبوات خالية من أي رائحة لأن العسل سريع الإمتصاص للروائح مما قد يغير من صفاته الفيزيائية , ولا بد من تعبئة العسل في أواني ذات فوهات واسعة حتى يسهل إفراغه منها نظراً للزوجتهِ العالية وخصوصاً إذا حدث تبلور في العسل كما يجب أحكام غلق العبوات بحيث لا تسمح بنفاذ الهواء إلى الداخل مما يؤدي إلا امتصاص العسل إلى الرطوبة الجوية في الهواء وبالتالي إرتفاع محتواه المائي فيؤدي إلى تخمره.
تأثير التسخين والتجميد على العسل :
يعد تسخين العسل من أهم المشاكل التي تضر بالعسل الطبيعي لاسيما إن الكميات الكبيرة من العسل التي يجري تسخينها من قبل الشركات التجارية وبعض النحالين وذلك لـ :
- سهولة تعبئة العبوات الصغيرة ،خاصة لدى التعبئة الآلية وهنا أود الإشارة إلى أن العسل الطبيعي غير قابل للتعبئة الآلية بسبب قوامه الكثيف فإذا سخن خفت لزوجته وبالتالي يسهل عملية تعبأته.
- لجوء الشركات وبعض النحالين لرفع درجات الحرارة من ( 70-80م) ولعدة ساعات ضمن حمام مائي ويدعون هذه العملية (البسترة) وهي تمنع تجمد العسل (التبلور) عند تعرضه مستقبلاً لدرجات حرارة منخفضة أو حتى عند وضعه في الثلاجة فهو لايتبلور لأن هناك ظن خاطئ بأن العسل الذي يتجمد هو عسل مغشوش ويعمل البعض الأخرعلى تعريض العسل لأشعة الشمس خاصة الأشعة الفوق بنفسجية التي تعمل على حل التبلور .
- تغيير للون العسل الى اللون البني الداكن (عنبر داكن) بقصد الغش او ادعاء مصدر أخرللعسل الطلح او الشوكة او السدر
ان تسخين العسل الشديد يتلفهويحوله من عسل صالح للاستهلاك وعلاجي الى عسل غير صالح للاستهلاك الآدميلماذا ؟
لرفعة مادة الهيدروكسي ميثيل فورفورال(h.m.f)وهذه المادة ناتجة من تأكسد سكر الفركتوز في وجود حمض وحرارة وهي ضارة للصحة كما يؤثر التسخين الشديد بإتلاف الانزيمات في العسل والتي لها خاصية علاجية.
ولبعض المركبات مثل فوق أكسيد الهيدروجين(h2o2)وغيرها من المركبات العلاجية فيتحول العسل الى مادة غير مفيدة من ناحية علاجية بل قد تكون ضاره.
لذا من المهم حفظ العسل في درجات حرارة معتدلة وبهذا يحتفظ العسل بحيويته لسنة أو سنتين دون ان يحدث فيه تغييرات رئيسية وعلينا أن نتذكر أن العسل يتقدم في السن يوماً بعد يوم وجودته تتراجع ببطء خصوصاً في درجة حرارة أعلى من 4°م , وبهذا يكون التأثير الأساسي في القيمة العلاجية للعسل .
كما يلجأ بعض تجار العسل والنحالين بعد فرز العسل من الشمع بوضعه في الفريزر لغرض منع حدوث التبلور مستقبلاً أو بقصد اختبار جودة العسل هل يتجمد أم لا ولكن ماذا يحدث للعسل أثناء التجميد ؟
إن وضع العسل في الفريزر (-18م) أي تحت الصفر المئوي طريقة خاطئة وهي تؤثر في العسل كتسخينه على درجة 100م فيحطم كثير من المركبات العلاجية فيه فالتجميد مثل التسخين .
اذاً التسخين الشديد والتجميد وجهان لعملة واحدة من حيث التأثير على عسل النحل من ناحية علاجية
منقول...........................