عرض مشاركة واحدة
قديم 20-12-2013   #48
نحال من الكادر الإداري
 
الصورة الرمزية الجيجلي

من مشاركات العضو







 
تاريخ التسجيل: Nov 2012
المشاركات: 1,132
معدل تقييم المستوى: 13 الجيجلي is on a distinguished road
Thumbs up رد: دراسة حول الأقاليم النباتية في الجزائر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سلامة النحل من سلامة البيئة وسلامة البيئة من سلامة النحل


النحل والبيئة صنوان لا يفترقان ، وسلامة النحل من سلامة البيئة وسلامة البيئة من سلامة النحل ، وهذه العلاقة المترادفة بينهما لم تنشأ من فراغ ، فالبيئة هذا البيت الكبير الواسع الذي تعيش فيه أعداد لا تحصى من الكائنات الحية ، تتعرض يومياً لتغيرات كثيرة ، المناخية منها وغير المناخية وتستقبل يومياً ، لا بل كل لحظة شتى أنواع الملوثات ، التي تغير كل يوم شكل وطبيعة معيشة الكائنات الحية ، والنحل أحد هذه الكائنات التي تتأثر بشكل مباشر وفوري بتغير الظروف البيئية حولها ، كما وتؤثر أيضاً بما حولها ، حيث يساهم النحل بنسبة تزيد عن 75 % من عمليات التلقيح الخلطي للنباتات ، و يمكن للنحلة الواحدة أن تزور ما يقارب 4000 زهرة يومياً ، ويمكن لطائفة قوية من النحل أن تزور أكثر من مليون زهرة في اليوم ، محققةً بذلك زيادة في العقد تتراوح بين 20 – 50 % حسب نوع النبات أو المحصول ، ومساهمة بشكل فعال في الحفاظ على التنوع الحيوي الزراعي .

من جهة أخرى فإن النحلة حشرة اجتماعية في معيشتها ، وتحتاج إلى توفر ظروف وشروط معينة لتستمر بالعيش بشكل صحيح ، وأي تغير في الظروف البيئية المحيطة بها يؤدي إلى ردة فعل تتناسب مع الظرف الجديد ، فالنحل يزدهر ويتكاثر بشكل جيد في الظروف المناخية الجيدة والخالية من التلوث ، ويتراجع بشكل واضح وسريع في الظروف السيئة ، حيث تظهر التغيرات في حجم المجتمع الحشري بشكل واضح في حال تغير درجات الحرارة ، وهو يفضل درجات الحرارة المعتدلة والشتاء المطير المعتدل الحرارة والربيع المزهر بشكل جيد والصيف المعتدل الحرارة ،كما تظهر عليه مظاهر الشراسة في الأجواء الحارة أو الخماسينية، وتعتبر أفضل درجات الحرارة للنحل هي التي تتراوح بين 25ْ – 32ْ م ورطوبة جوية بين 50- 60 % ، كما تظهر عليه علامات التوتر والعصبية ويتراجع إنتاجه بشكل واضح عند وجوده قرب مصادر الضجيج كالطرقات العامة وسكك القطارات والمعامل ، ولا ينصح بوضع الطوائف بالقرب من أعمدة التوتر الكهربائي المتوسط والعالي حيث لوحظ أن المجالات الكهربائية والمغناطيسية تؤدي إلى تشويش في قدرة النحل على الاهتداء على مكان خليته وهو ما يسمى بظاهرة التَوَهان ، من جهة أخرى يتأثر النحل بشكل كبير بالمبيدات الزراعية التي تستهدف مصادر غذائه خاصة إذا استخدمت هذه المبيدات أثناء فترات الإزهار حيث تقتل أعداداً كبيرة من النحل السارح نتيجة لتعرضه المباشر للمبيد ، كما يتأثر النحل بشكل كبير بوجود بعض الأعداء الحيوية له كالدبور الأحمر والأصفر ( الزلقط ) والورور وغيرها من الكائنات ، حيث يهاجم الدبور الخلايا الضعيفة ويتغذى على النحل البالغ وقد يقتنص الملكات الخارجة للتلقيح ، كما يدخل إلى الخلايا الضعيفة ويسرق عسلها ويدمر مسكنها ، وقد يهجر النحل خلاياه إذا ازداد هجوم الدبور عليه ، كما يستطيع زوج من الورور أن يقضي على حوالي 4000 نحلة خلال موسم واحد حيث يشكل النحل 75 % من غذائه ، وتختلف قدرة الطوائف على مقاومة هذه الآفات حسب عوامل كثيرة أهمها نوع السلالة ، كما يتأثر النحل بكمية ونوعية النباتات الرحيقية المنتشرة حوله وبتوفر مصادر الشرب النظيفة الخالية من التلوث ، حيث تعتبر مصادر الغذاء أهم عامل من عوامل البيئة التي تؤثر مباشرة على نمو وتطور طوائف النحل ، فالعلاقة بين النحل والنباتات علاقة منفعة متبادلة يأخذ خلالها النحل الرحيق والطلع اللازمين لغذائه ويعطي النباتات الخصب ، وهنا لابد من الإشارة إلى أن بيئتنا غنية بتنوع نباتي قلّ مثيله حيث تنتشر في برارينا أنواع عديدة من النباتات الرحيقية والطلعية ، التي تؤمن مصدراً غذائياً ممتازاً للنحل فيما لو استثمرت بشكل جيد وتمت حمايتها من التدهور والانقراض ، وهنا نشير إلى أن حماية التنوع الحيوي النباتي مهمة وطنية تقع على عاتق كل مواطن شريف حريص على وطنه وأرضه .

من جهة أخرى إذا انتقلنا إلى الحديث عن منتجات خلية النحل نجد أنها بمجملها منتجات ذات أهمية بيئية وحيوية على غاية من الأهمية ، فالعسل هذه المادة العجيبة ذات التركيب الفسيفسائي والتي ورد ذكرها في الكتب السماوية يعتبر غذاءً ودواءً لا مثيل له في الطبيعة ، حيث يتكون بمعظمه من مواد سكرية بسيطة سهلة الهضم مضافاً إليها أعداد لا تحصى من الفيتامينات والأنزيمات والخمائر والمعادن والعناصر النادرة التي لا توجد بهذا الترتيب والدقة إلا فيه ، ويعتبر غذاءً ممتازاً للمرضى والناقهين والمسنين والأطفال منذ الساعات الأولى للولادة ، كما تعتبر كل من حبوب الطلع والعكبر التي يجمعها النحل علاجاً للكثير من الأمراض حسبما تشير الكثير من الأبحاث الطبية في كل جامعات العالم المتقدم ، ولو أردنا تعداد فوائد منتجات النحل لما اتسع لنا الوقت لذلك .

من كل ما سبق نرى أن الاهتمام بالنحل وتربيته هي مهمة وطنية كبرى ، تعود فائدتها على المجتمع بأسره وانطلاقاً من ذلك يمكن أن نخلص إلى ما يلي :

ضرورة البدء بتأصيل سلالة النحل السوري من خلال وضع برنامج وطني شامل ومتكامل بالتعاون والتنسيق بين مشروع حفظ وصيانة الاستخدام المستدام للتنوع الحيوي في مديرية البحوث العلمية الزراعية ومديرية مشروع النحل ومديريات الزراعة وجامعات القطر واتحاد الغرف الزراعية واستنفار كافة الخبرات المحلية لذلك .

ضرورة منع إدخال الملكات الأجنبية إلى القطر عن أي طريق كانت قبل تأصيل السلالة السورية .

تشجيع تربية النحل لدى المزارعين لما لها من أثر واضح على زيادة الدخل المزرعي لفلاحينا .

الحفاظ على ما تبقى من الأراضي البكر وترشيد استصلاح الأراضي .

حماية النباتات البرية المهددة بالانقراض من زحف البلدوزرات عليها .

حماية الغابات والمراعي الطبيعية من زحف الإسمنت والإسفلت ومقالب القمامة .

وأخيراً نرى ضرورة تضافر الجهود بين كافة الجهات الفنية والإدارية والجهات صاحبة القرار لحماية بيئتنا من شتى أنواع التلوث والتدهور سعياً للوصول إلى بيئة نظيفة ومزدهرة .


مقتبس من بحث لدى الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية السورية/2004
__________________
Hicham.Nahal@yahoo.com

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ،لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ
الجيجلي غير متواجد حالياً  
 
رد مع اقتباس