العسل في التاريخ

العسل في التاريخ
عرف العسل كألذ الأغذية وكـدواء منذ النشأة الأولى للإنسان عندما كان لا يزال يسكن الكهوف و المغاور وكل حكاياته الشعبية وأغانيه وفلكلوره تعرب عن تعرفه إلى العسل وحبه له, وتاريخياًً كان معظم الشعوب القديمة تؤمن بالخلود وبأن العسل هو الوسيلة الفضلى للبقاء على قيد الحياة لذلك كانوا يكثرون من جمعه وأكله , ولأن الطقوس الدينية كانت المسيطرة على حياتهم اليومية فقد إستعملوا العسل في كل مهرجاناتهم الدينية باعتبار العسل رمزاً للنقاء والطهارة الروحية
فبرديه إيبرز في الأهرامات منذ (3500) عام أشارت إلى استعمال العسل في علاج الجروح ولإراحة الأمعاء وكان الفراعنة يحنطون ملوكهم بالعسل كما يضعون بالقرب منهم جراراً مليئة بأطيب الاْعسال .
أما في الأساطير الهندية القديمة تمثلت السماء ( فيثو ) التي تمنح الحياة للعالم في شكل نحلة تقف على زهرة اللوتس وكان الدواء الذي يهب السعادة للناس ويحفظ الشباب مجمله من العسل , وفي اليونان القديمة يعرف العسل على انه " الندى الذي تقطره نجوم السماء مع قوس قزح وينحدر إلينا بواسطة الأزهار " .
لذا كان يعتبر أغلى منح الطبيعة وكانوا يعتقدون بأن ألهتهم خالدة لأنها أكلت طعام الآلة الذي يظن انه يحتوي على العسل ولذلك كان فلاسفة اليونان يكثرون من أكل العسل في غذائهم اليومي إلى درجة أنهم جعلوه الصحن الرئيسي , كما أشار بيليني صاحب كتاب العظيم والتاريخ الطبيعي "أن للعسل خواص شفائية ممتازة " و كان المصارعون اليونانيين يأكلون الكثير من العسل قبل البدء بالمصارعة لذلك تغنى هيموروس بمدح العسل وخصائصه الممتازة في ملحمته الإلياذة و الأوديسة .
وكانت نساء إسبارطية تضع هدايا من العسل في الكهوف والمغاور التي تسكنها الأرواح الشريرة استرضاء لها واتقاء لشرها .
أما الرومان فقد بلغت قيمة العسل درجة من القوة انه صار يقبل كبديل عن المال لدفع الجزية المترتبة على الشعوب التي استعمروها , وفي أيامهم كان ينظر إلى تربية النحل كعمل لا يمارسه إلى الأشراف والنبلاء ويفاخرون به على أقرانهم وإذا استعملوا العسل لتكريم ضيوفهم الأكثر قيمة استعملوا كذلك نحلهم لإطلاقه على أعدائهم في معاركهم الحربية عندما كان يبلي بلاء حسن في اللسع .
أما في عهد نيرون عهد الفسق والفجور فما أحسن العسل لتجديد القدرة الجنسية لدرجة انه استخدم في كل الأطعمة و المعجنات .
وفيما كان البراهمة يمسحون شفتي العروس وأذنيها بالعسل لأبعاد التعاسة وجلب الحظ والسعادة لحياتها الزوجية، كانت شعوب الشرق الأقصى تهتم بخصوبة العروس أكثر من الأهتمام بالحظ ولذلك كانوا يدلكون ثدييها بالعسل كي تنجب ما يحلو لها من البنين, ولا يزال المثل الإيطالي دارجاً إلى اليوم : " يكفي أن تقدم العروس لزوجها العسل حتى تحكمه كل حياتها ".
وفي الديانات السماوية كان للعسل النصيب الأوفر فلقد أتت التوراة مرات عديدة على ذكر فلسطين كبلاد "اللبن والعسل" لكثره ما كان فيها من طوائف النحل البرية المملوكة وغير المملوكة بسبب مناخها المؤاتي ووفرة إزهارها الرحيقية المنوعة .
أما العبرانيون فكانوا يؤمنون بقدرة العسل على جعل من يتناوله في منتهى الذكاء والمهارة ولذلك كان أنبيائهم يوصون بأكله ففي سفر التكوين مثلا جاء ذكر العسل عندما أرسل النبي يعقوب إبنه بنيامين إلى مصر مع هدايا من العسل ومن أطيب فاكهة الأرض .
كما جاء في وصية سليمان بن داوود إلى أولاده " تناول العسل يا بني فانه جيد , وان أقراص العسل لذيذة المذاق " .
وإذ نصل إلى العسل في الإسلام فان العسل يتحول إلى مادة خالصة النقاوة والطيب والمنافع الصيدلانية ويصبح له مكانه في مقدمة الأغذية حيث جعله سبحانه وتعالى من طعام أهل الجنة (" مثل الجنة التي وعد بها المتقون، فيها أنهار من ماء غير آسن، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر لذة للشاربين، وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم ".) الآية 15 من سورة محمد (ص) وبلغ هذا التكريم عظمته حين خصـص الله عز وجل سورة في القـــــرآن عرفت بإسم سورة النحــــل وخص النحـل بالوحـي حيث لم يذكر وحيه لأي من الكائنات الغير مكلفه الأخرى, وجعل فيما يخـرج من بطونها شفـاء للناس
بسم الله الرحمن الرحيم
و أوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً و من الشجرِ ومما يعرشون *ثم كلي من كلِ الثمرات فاسلكي سُبل ربك ذلاً يخرجُ من بطونِها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ِأن في ذلك لآيةً لقوم ٍيتفكرون
صدق الله العظيم
.
كما جاءت الكثير من الأحاديث النبوية الدالة على أهمية العسل كغذاء وعلاج حيث قال رسول الله (ص)
_ " عليكم بالشــفاء من العســـل والقـــــــــــــرآن " .
- من شرب العســل ، في الشهر مرة ، يريد ما جاء به القــرآن ، عوفي من سبع وسبـعين داء .
- " من أراد الحفــظ , فليأكل العســل " .
- " نعم الشـراب العســل , يَرعى القـلـب , و يُذهب بـرد الصـدر
- وقال (ص): " العَســــل شفاء يطرد الريـح والحـمى ".
- (الشفاء في ثلاثة :شربة عسل ، وشرطة محجم ، وكية بنار وأنهى أمتي عن الكي)
- و جاء رجل إلى الرســول الكريم (ص) فقــال لـه :
" أن أخي إستـطلق بطنه فقال الرســول (ص) أسقِه عســل فسَـقاه , ثم جاء فقال أني سَقيته ولم يـزده إلى إستـطلاقاً وجاءه ثانية و ثالثة فقال لقد سَقيته فلم يزده إلا اسـتطلاقاً فقال الرســول (ص) صـــدق الله وكذب بطن أخيك ، فسَـــــقاه فبـــرئ .
تحياتي
منتصر صباح مهدي الحسناوي
رئيس جمعية نحالي النجف
عضو تجمع النحالين العراقيين