النحلة .. أعجوبة الحشرات

" يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون " (69)

عندما نتذوق العسل قلما نفكر في القدرة الفطرية التي وهبها الله للنحل ومجهوداتها الجبارة التي تبذلها في سبيل صنع هذا الدواء العجيب.

وكفى النحل شرفاً أن خصص الله لها سورة في كتابه باسمها، وقد ورد في القرآن الكريم أسماء كثير من الحيوانات والطيور والحشرات ولكن النحلة هي الحشرة الوحيدة التي قدر لها أن تتلقى الوحي الذي أوحى الله إليها في قوله - تعالى -: " وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون 68 ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون " 69 (النحل).

وقد كرم النبي هذه الحشرة عندما شبهها بالمؤمن حيث قال: "والذي نفس محمد بيده، إن مثل المؤمن كمثل النحلة أكلت طيباً ووضعت طيباً ووقعت فلم تكسر ولم تفسد". والنحلة لا تحصر كدها وجهودها لصالح أمورها فحسب بل إنها تعمل لأداء مهمة في منفعة الإنسان.

ومن دواعي العجب ما نشاهده من تقسيم الأعمال في خلية النحل حيث يوجد في كل خلية ملكة وقليل من الذكور والأعداد الهائلة من الإناث، وأن الملكة التي تعمر أكثر من سبع سنوات تستطيع أن تضع ما يقرب من 2000 بيضة يومياً، وليس للملكة عمل مهم غير وضع البيض، أما الشغالات من الإناث. فرغم أنه ليس لهن من العمر إلا سبعة أسابيع، فيرجع إليهن جميع الأعمال من نظافة الخلية وتربية اليرقات وصد الأعداء وتكييف الخلية، فضلاً عن جمع الغذاء وحبوب اللقاح من الأزهار.

أما الذكور فهم كسالى لا عمل لهم إلا تلقيح الملكة الذي يحدث نادراً.

وتجدر الإشارة إلى أن القرآن الكريم استعمل صيغة مخاطبة الإناث عندما أوحى إلى النحل بجميع الأعمال في الآية الكريمة من اتخاذ البيوت وغيرها.

وتمتلك النحلة لغة خاصة للاتصال مع سائر النحل لإخبارهم عن وجود الغذاء أو لإنذارهم بقدوم الأعداء، كما أن النحلة تستطيع أن تميز الأزهار المليئة بالرحيق قبل أن تحط عليها وذلك بترك النحلة السابقة التي امتصت الرحيق ريحاً خاصة في الأزهار.

وأجريت دراسات عديدة عن الاستشفاء بغذاء ملكة النحل، وأثبتت الأبحاث، القيمة الدوائية للعسل حيث يحتوي على الفيتامينات والمعادن والعناصر الطبية بالإضافة إلى إنزيمات عديدة حتى صار علاجاً مفيداً لكثير من الأمراض النفسية والأسقام البدنية.

وفوائد العسل الطبية مذكورة في كتاب "بقراط" الذي يعتبر أباً للطب الحديث، كما أثبتت الدراسات الحديثة أن العسل يعالج مرض الزهايمر لاحتوائه على مادة أستيل كلين، التي تفيد في علاجه.

ويحتوي العسل على البروتين المعروف بجلاتين، الذي يحفظ الجلد من الجراثيم وحرارة الشمس المحرقة.

كما يحتوي غذاء الملكات على كثير من الأحماض الدهنية لا سيما الحامض المعروف بhda 10، ويقوم هذا الحامض بدور مهم في نمو الجسم وحمايته من الميكروبات؛ حتى إنه يؤدي مهمة البنسلين في قتل الجراثيم، كما تبين أن كثيراً من الجراثيم المسببة للتيفويد والأنفلونزا والالتهاب الليمفاوي تموت إن غمست في العسل فضلاً عن علاج العسل لبعض أورام السرطان.

ولا شك أن العسل يمتلك قدرة باهرة على قتل الجراثيم التي تسبب الإسهال، ومن الجدير بالذكر هنا حادثة ذهاب أحد الصحابة إلى النبي لطلب العلاج لأخيه من مرض البطن، ففي حديث أبي سعيد أن رجلاً أتى النبي {فقال: أخي يشتكي بطنه فقال: "اسقه عسلاً"، ثم أتى الثانية فقال: "اسقه عسلاً"، ثم أتاه الثالثة فقال: "اسقه عسلاً"، ثم أتاه فقال: قد فعلت، فقال: "صدق الله وكذب بطن أخيك، اسقه عسلاً" فسقاه فبرأ.

وورد في الأحاديث أن ماء الكوثر أحلى من العسل، فعن أنس بن مالك قال: سئل رسول الله {ما الكوثر؟ قال: "ذاك نهر أعطانيه الله يعني في الجنة أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل، فيها طير أعناقها كأعناق الجزر".

كما أن العسل يشفي كثيراً من الأمراض مثل الأنيميا والعقم وأمراض التنفس، فضلاً عن ارتفاع ضغط الدم.