اسراب النحل تطلق نداءالاغاثة ولكن هل من مجيب

السلام علي كم ورحمة الله وبركاته

النحل يتيه ولا يدر أين يتّجه. النحل يهجر خلاياه بأعداد تصل إلى عشرات المليارات. الخلايا تتحوّل إلى أطلال في ظرف أسبوع : هذه كارثة عالمية جديدة تضاف إلى الكوارث التي عرفها قطاع تربية النحل. أطلق عليها المختصون بـ “متلازمة انهيار أسراب النحل”
في الولايات المتحدة الأمريكية تملكت الحيرة بخبراء قطاع النحل. إنّه لأمر غامض. آلاف أسراب النحل تغادر أوكارها دون أن تخلّف ضحايا. كما أنّ خلايا النحل ملآنة بالعسل ولم تتعرّض للنهب من طرف حشرات أو أسراب نحل أخرى. إنّها اللعنة التي أصابت مربّي النحل. لم يستسلم الخبراء للأمر الواقع. فهاهم يبحثون عن العلاج المعجزة لإنقاذ “صناعة” تربية النحل كما يسمّونها. لقد أمر كبار المختصين في الأمراض الفيروسية باقتفاء آثار النحل، لكن هيهات. الكارثة أعظم ممّا كانوا يتصورون !!! لا أثر للنحل، لا تلقيح لغبار الطلع، لا حصاد. مليارات الدولارات تبخرت.
في شهر ديسمبر 2006 قامت جامعة بنسلفانيا بدراسة شملت عددا من مربّي النحل من شرق الولايات المتحدة الأمريكية. يملك الواحد منهم بين 200 و3 آلاف خلية لتربية النحل. لقد تراوحت خسارة هؤلاء المربين بين 30% و 90%. فهذا أحد مربي النحل يصرّح أنّه من بين 1200 سربا من النحل لم يبق منها سوى تسعة. في كامل الولايات المتحدة الأمريكية ومنذ نهاية خريف 2006 بلغت الخسارة 60% في الولايات الغربية و90% في بعض ولايات الشرق و الجنوب. تشير التقديرات الرسمية إلى اندثار مليون و500 سربا من النحل وقد طالت هذه الكارثة 27 ولاية. نذكر أنّ عدد خلايا النحل كان 6 مليونا سنة 1947 وأصبح 2,4 مليونا سنة 2005

في فرنسا، تقدّر هذه الخسارة بـ 300 ألف إلى 400 ألف خلية سنويا وذلك منذ 1995. لقد كان شتاء 2005/2006 كارثيا إلى درجة عالية حيث عرفت مناطق فرنسا اندثار مجموعات النحل بنسب تتراوح بين 15% و 95%.
في ألمانيا وحسب رئيس الجمعية الألمانية لمربّي النحل، فلقد بلغت الخسارة الجملية 25% وقد ارتفعت هذه النسبة في بعض المناطق لتصل 80%.
في سويسرا عرفت بعض المناطق موت 80% من مجموعات النحل وقد بلغت الخسارة الجملية 30%. ففي سنة 1900 كان هناك 45 ألف مربي للنحل وقد تراجع هذا العدد ليصبح اليوم أقل من 19 ألفا. فبين الحربين العالميتين كانت هناك 350 ألف منحلة واليوم تراجع هذا العدد إلى 190 ألف.

قد شملت “متلازمة انهيار أسراب النحل” بلدان أخرى كإسبانيا واليونان والبرتغال وبريطانيا.
هل هو الإيذان بالخطر المحيط بالإنسان والكون معا؟
أسراب النحل تطلق نداء الإغاثة ولكن هل من مجيب؟
في الولايات المتحدة الأمريكية تنوعت الأسماء التي تشير إلى هذه الكارثة من ذلك “انهيار الخريف” أو “مرض شهر ماي” أو “مرض الاندثار” بينما اقتبس البريطانيون زمن حادثة اختفاء باخرة سنة 1872 اسما لهذه الظاهرة.
في الولايات المتحدة الأمريكية يلقّح النحل 90 نوعا من النباتات الغذائية وتقدر قيمة هذه النباتات بـ14 مليار دولارا في السنة. لقد تأثرت مزارع التفاح بفلوريدا من انقراض أسراب النحل التي تلقّح ما يقارب 90% منها وقد بلغت الخسارة 2,1 مليار دولارا.
في كامل جهات الكرة الأرضية تحمل أسراب النحل غبار الطلع وتلقح النباتات.

75% من الزراعات التي يستمدّ منها الإنسان غذاءه و 35% من جملة إنتاج هذا الغذاء مرتبط بالتلقيح الذي يقوم به النحل. فهذا التلقيح يسمح لنا بالحصول على عديد المواد الغذائية الأساسية والجيدة مثل القهوة والشوكولاتة والزيوت النباتية والغلال ذات الغلاف الخارجي وأغلب الخضر والغلال.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية من بين 2,4 مليون منحلة معدة للكراء، 1,5 مليون معدّة لتلقيح النباتات وقد تضاعف سعر كراء المنحلة الواحدة ثلاث مرّات في ظرف 3 سنين وبلغ 135 دولارا بالنسبة للمنحلة الواحدة وفي سنة 2007 استنجدت الولايات المتحدة الأمريكية بأستراليا لاستيراد أسراب من النحل والاستعاضة عن الخسائر التي حصلت وقد بلغ التنافس أشدّه بين حقول التفاح في ولاية نيويورك وبنسلافانيا من جهة وحقول القمام الآسي (Myrtille) بمنطقة Maine.
منذ سنة 1993 حذر مختصون في قطاع الزراعة وبالذات في قطاع تربية النحل من خطر اندثار أنواع عديدة من النحل وقد أصدر باحثون من معهد البحوث الزراعية الفرنسية نشرية دورية بهدف تبادل المعلومات حول النحل البري وقد جاء في إحدى هذه النشريات ما يلي:
لاحظ المختصون موت أسراب النحل وانقراضها في مزارع النباتات المحوّرة جينيا كما في المزارع الأخرى وفي الحقول التي يقع فيها إجراء التجارب.
ما هو العامل المشترك لهذه المزارع؟ إنّه استعمال البذور التي وقع “علاجها” بمبيدات الحشرات وهذا مهما كانت أنواع البذور: عادية أو محوّرة جينيا خصوصا تلك المبيدات الجديدة من نوع néonicotinoïdes التي تختصّ بسمومة كبيرة تجاه جلّ أنواع الحشرات ومن بينها النحل وذلك حتى في حالة استعمال كميات صغيرة. فتغليف البذور بمبيد الحشرات من نوع :

Imidaclopride, thiamtoxam, clothianide من شأنه أن يحمي النباتات من الحشرات في المرحلة الأولى من نموها ولكنه يمثل خطرا محدقا لكلّ أنواع الحشرات بما فيها الحشرات المفيدة. فعلى سبيل المثال يقع تغليف بذور الخضر والذرة والكلزا وعباد الشمس بمادّة Imidaclopride وهذه المادة تنغمس في التربة وفي أنسجة النباتات والرحيق. تبلغ كمية هذه المادّة درجات عالية في الرّحيق بحيث تؤثر على الجهاز العصبي للنحل. منذ سنة 2000 اكتشف مربو النحل بفرنسا وإيطاليا أنّ هذه المادّة قاتلة للنحل وأنها تتسب في تراجع أسراب النحل بما أنّها تجعلها تفقد القدرة على تحديد وجهتها وتعيق عودتها إلى المنحلة لِما لهذا المبيد من تأثير على الجهاز العصبي. فلقد أثبتت دراسات حول عباد الشمس والذرة وجود كميات كبيرة من هذا المبيد الذي حملته بعض أسراب النحل إلى المنحلة.

كما بينت دراسات أخرى أنّ تغذية النحل بمادّة حلوة تحتوي من 500 إلى 1000 جزء من المليار من هذا المبيد تؤدّي إلى إفقاد النحل القدرة على تحديد وجهتها والرجوع إلى المنحلة. أمّا إذا انخفضت هذه الكمية إلى 100 جزء من المليار فإن عودة النحل إلى المنحلة لا يكون إلاّ بعد 24 ساعة. كذلك يفقد النحل القدرة على التواصل بين بعضها.
في سنة 2006 في الولايات المتحدة الأمريكية، قام معهد مختصّ بكارولينا الشمالية بدراسة حول هذا المبيد واستنتج أنّ درجة سمومته تتضاعف إذا أضفنا له مبيد الفطريات وذلك ألف مرّة ! وقد أثبت باحثون من جامعة كارولينا الشمالية أنّ هذا المبيد يقضي على الذاكرة وعلى كلّ النشاطات العصبية للنحل وقد أكدوا ذلك في دراسة قاموا بها في حقول الذرة والكولزا وعباد الشمس.
في الولايات المتحدة الأمريكية يقع تغليف كلّ أنواع البذور المحوّرة جينيا من القطن والصويا والكولزا بهذه الأنواع من المبيدات. أمّا الحقول الفاصلة والتي عادة ما تزرع ببذور عادية وغير محورة فتقع معالجتها بنفس المبيد. فعلى سبيل المثال تطالب مؤسّسة Monsanto الرائدة في التحوير الجيني المزارعين بزراعة 20% من المساحات ببذور عادية لخلق ما يطلق عليه “بمنطقة اللجوء” أو “الملجأ” وذلك لمنع نموّ الحشرات المنيعة تجاه النباتات المحوّرة جينيا. على المزارعين احترام كراس الشروط الذي وضعته مؤسسة Monsanto وإلاّ حرموا من البذور المحوّرة جينيا أي أنّه على كلّ مزارع أن يفصل حقول النباتات المحورة جينيا بحقول مزروعة ببذور عادية وأن يستعمل في هذه الحقول الفاصلة كميات كبيرة من المبيدات. كذلك هو الحال بالنسبة لمبيد الأعشاب Round up الذي هو على ملك نفس المؤسسة

في جانفي 2007 أثبتت الدراسات المتعدّدة للوكالة الفرنسية للحفاظ على الصحّة Afssa أنّ الاضرابات التي لوحظت على حركة ونشاط النحل منذ 1990 لا زالت تلازمها ممّا أدّى إلى موت أسراب عديدة منها. فمنذ عشرين سنة يعرف قطاع تربية النحل في أوروبا وبالأخصّ فرنسا أخطر أزمة في تاريخه. في كلّ سنة يتوقف 1500 مربّي للنحل عن نشاطهم وهذا خلال الـ20 سنة الماضية وهناك 5000 عاملا مهدّدون بالبطالة. فلقد عرف إنتاج العسل تراجعا مهولا إذ تقدّر الخسارة بـ10 آلاف طن منذ عشر سنين أي ألف طن في السنة.
خلصت الدراسة التي أعدّتها الوكالة الفرنسية للصحة إلى أنّ أسباب تراجع واندثار أسراب النحل عديدة ومنها التعفن الذي تسببه بعض أنواع الحشرات وتراجع التنوّع البيولوجي الناتج عن تراجع أنواع غبار الطلع. لكنها خلصت بالمقابل إلى أنّ مادّة Fipronil المبيدة والتي تتسبّب في ظهور أورام سرطانية في الغدة الدرقية لفئران المختبر لا تؤثر على صحّة الإنسان ولا تؤثر على الجهاز العصبي للنحل إلاّ انّه من الواجب الحذر والمراقبة !!
من الواضح أنّ المؤسسات المختصة في إنتاج المبيدات قد قامت بكلّ ما أوتيت من قوّة بالضغط على وسائل الإعلام وعلى الخبراء لتبرئة هذه الموادّ.

في سنة 2000 قام باحثون بدراسة أثبتت أنّ المبيد Chlopyrifos قد تسبب في القضاء على 80% من أسراب النحل.
مئات الدراسات تثبت العلاقة بين تراجع أسراب النحل واستعمال المبيدات إلاّ أنّ ذلك لم يمنع من تواصل استعمالها رغم أنّ الكارثة بلغت درجة أصبحت تهدّد الإنتاج الزراعي.
من ناحية أخرى أثبتت دراسات قام بها باحثون في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا تأثير الموجات الكهرومغناطيسية على النحل من ذلك تأثير الإدارات والهواتف الجوالة. فهي تفقد النحل القدرة على تحديد وجهتها خصوصا تلك الموجات التي تتراوح بين 180 و250 هرتز (تقدّر موجة الهواتف الجوالة بـ 217 هرتز). هكذا يعجز النحل عن العودة إلى المنحلة. لهذه الموجات المغناطيسية تأثير آخر حيث أنها تضعف من مقدرة النحل على مقاومته الأمراض خصوصا منها الجرثومية الناتجة عن الحشرة Varroa.
لقد تراجع إنتاج العسل في كلّ أصقاع العالم وبالخصوص في البلدان الغربية. ففي الولايات المتحدة الأمريكية لم يبلغ سوى 70 ألف طنا في سنة 2006 أي 11% من الطلب الداخلي وكذلك هو الحال بالنسبة لفرنسا التي لم يبلغ إنتاجها من العسل سوى 16 ألف طنا مقارنة مع الطلب الداخلي الذي يقدّر بـ 40 ألف طنا سنويا. 80% من العسل المروّج في أسواق كندا مستورد من الأرجنتين. كذلك هي الحال بالنسبة لأوروبا التي تستورد العسل من الأرجنتين ومن الصين التي تحتلّ المراتب الأولى في استعمال المبيدات.
تعدّ الأرجنتين ثاني منتج للعسل بعد الصين إذ يبلغ حجم إنتاجها منه 100 ألف طن (سنة 2006) وهناك 2,5 مليون منحلة على ملك 33 ألف مربي للنحل كما أنّها تعدّ أوّل مصدر للعسل في العالم، فهي تصدّر 90% من إنتاجها لهذه المادّة. لكن الأرجنتين رائدة في الزراعات المحوّرة جينيا وفي استعمال المبيدات والمضادات الحيوية. فلقد أثبتت عديد الدراسات أنّ عسل الأرجنتين يحتوي كميات متفاوتة من الرحيق المحوّر جينيا ومن الموادّ الكيميائية. ففي الأرجنتين تكاد تكون كل مزارع الصويا محوّرة جينيا وجزء هامّ من عسل الأرجنتين وقع الحصول عليه في مزارع الصويا. في السنين الأخيرة عرف قطاع تربية النحل وإنتاج العسل أزمات لعلّ أخطرها اكتشاف نسب عالية من المضادات الحيوية ومبيدات الحشرات في العسل الأرجنتيني.
هذه قصّة النحل مع المبيدات المضادة الحيوية والأكل الصناعي والفلاحة المصنعة. أسراب النحل تختفي وتلوذ بالفرار وتهجر أوكارها

خوفا من التصحّر المعاصر.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

معلومات تستحق المعرفة

تشكر اخي


وفقنا الله لما يحب ويرضى

يمكن هذا الأمر موجود في بعض الأماكن0
لكنه والحمدلله غير موجود عندي
والحمدلله0

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته شكراً لمروركم