الكويت / إنتاج العسل يكسر حاجز الــ 50 طنا

إنتاج العسل يكسر حاجز الــ 50 طنا

تربية النحل ليست مهنة بل هواية في المقام الأول، وعلى الرغم من مناحل الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية المنتشرة والمتخصصة، فإن النحالين مازالوا يعتمدون على أنفسهم في شراء طرود النحل وتربيته وان استعانوا بدورات الهيئة التي تعقدها كل بضعة أشهر.. والسؤال هو: متى تهتم الحكومة بهذا الانتاج وهذه الصناعة، ومتى نكسر حاجز تغطية %20 فقط من استهلاكنا المحلي من العسل؟
بدأ النحالون الكويتيون كعادتهم في هذا الوقت من كل مرحلة تجهيز الخلايا واستقبال الطرود، فموسم عسل السدر على الأبواب، والطلب على العسل المحلي يزداد لنقاوته وجودته، لكن ثمة تحديات ما زالت تواجههم، تبدأ من استيراد النحل من الخارج، وتنتهي بهجمات طائر الوروار (الخضيري)، الذي قضى على أعداد هائلة من النحل، مرورا بسوء أحوال الطقس.
القبس جالت على عدد من المناحل التي يجهزها مواطنون شغوفون بمهنة تربية النحل وإنتاج العسل، ورصدت عن قرب استعداداتهم لموسم عسل السدر، واستمعت منهم الى ابرز المشاكل والمعوقات التي تواجههم خلال الموسم.
بداية جولتنا، كانت في المنحل الخاص برئيس مركز أبحاث النحل في النادي العلمي، والمستشار في اتحاد النحالين العرب العم توفيق المشاري، المنحل يقع بجوار المدينة الترفيهية في منطقة الدوحة، وقد وجدناه، محاطا بأعداد كبيرة من أشجار السدر، وبداخله 60 خلية نحل. قمنا بارتداء القناع الواقي من لسع النحل ورأينا المساعدين وهم يرشون الماء لتهدئة النحل، كانوا من قبل يستعينون بالدخان.
قال لنا العم توفيق: النحالون عملوا خلال الأسابيع القليلة الماضية، على استيراد احتياجاتهم من طرود النحل من جمهورية مصر العربية، وذلك من خلال الطلب المباشر، مضيفا: يحتوي الطرد الواحد على 6 ألواح خشبية عليها طبقات من الشمع، و يكون ممتلئا بالنحل، وفيه ما بين 15 الى 20 ألف نحلة وسعره يتراوح بين 20 الى 15دينارا.
استعدادات متواصلة
وتابع: بعد استيراد النحالين للطرود، يقومون بعملية التزهير، وتنظيف خلايا النحل، ومن ثم الكشف المستمر على ملكة النحل، والتأكد من أنها تواصل عملية البيض بحالة طبيعية داخل الطرد، مضيفا: مواصلة ملكة النحل دورها بشكل طبيعي دون أي أثار عليها، يمكنها من مضاعفة أعداد النحل في الألواح الخشبية في كل طرد، حتى تتضاعف أعداد النحل في الطرد من 3 آلاف نحلة الى ما يتراوح بين 12 الى 15 ألف نحلة.
وأضاف: نظرا لسوء أحوال الطقس خلال هذه الأيام، من حرارة ورطوبة كثيفتين، أصبح لزاما على جميع مربي النحل في البلاد تهيئة أماكن مناسبة لتربية النحل، تبعدها عن العوامل التي تؤثر فيها، كأشعة الشمس المباشرة، بالإضافة الى توفير كميات مياه كبيرة لها.
وتابع: إذا اعتبرنا ان عدد خلايا النحل الموجودة خلال موسم السدر هذا العام تبلغ 10 آلاف خلية، فهذا يعني ان معدل إنتاج الكويت من عسل السدر سوف سيكون 50 طنا، وهو ما يشكل نسبة %20 من الاستهلاك المحلي.
وزاد: بعد انتهاء الموسم في أواخر شهر نوفمبر القادم، سيبدأ النحالون في تسويق إنتاجهم من عسل السدر، مضيفا: ليست هنالك مشقة في التسويق، نظرا لوجود 10 شركات كويتية متخصصة، في شراء وتسويق العسل المحلي، الأمر الذي شجع أخيرا الكثير من المواطنين والمقيمين على تربية النحل في منازلهم، سواء في حدائقهم المنزلية أو على الأسطح، بعدما اشتركوا في الدورات التي تقيمها الهيئة العامة للزراعة، والخاصة في شرح كيفية تربية النحل وإنتاج العسل، مشيرا الى ان إنتاج العسل المحلي في المنازل كبير، حيث يتراوح أنتاج كل مواطن في كل خلية ما بين 3 الى 5 كلغ عسل سدر.
الاستيراد الخارجي
انتقلنا بعدها الى منحل فهد بن عجاج بداخل مركز أبحاث النحل بالنادي العلمي، وهو الحاصل على براءة اختراع في نظام تحويل إنتاج العسل، من تربية للنحل الى صناعة، قال لنا: واصلت استعداداتي لموسم السدر، حيث امتلك حاليا 100خلية نحل، واطمح الى زيادة عددها من خلال استيراد كمية من مصر، مضيفا: أتوقع ان يصل إنتاجي خلال نهاية الموسم في شهر نوفمبر الى 5 كلغ عسل سدر من كل خلية.
وقال: أعمل حاليا بشكل مكثف بالتعاون مع عدد من الجهات العلمية في البلاد، في إعداد مشروع متكامل لإنتاج النحل في الكويت، الذي إذا اكتمل وطبق بشكل مناسب، سوف يشكل نقلة نوعية في الإنتاج المحلي من حيث المعدل والجودة.
من جهته، قال النحال فهد الديحاني، الذي التقينا به في المنحل الخاص به في منطقة الجهراء، «واصلت استعداداتي لبداية موسم عسل السدر، بدأت منذ شهر يوليو الماضي، بتهيئة المناحل، ثم تنظيف الخلايا التي تبلغ 125خلية، موزعة ما بين محافظتي العاصمة والجهراء».
وتابع: الظروف المناخية السيئة خلال فصل الصيف، تعتبر أبرز المعوقات التي تواجه النحالين خلال موسم السدر،وخصوصا درجات الحرارة التي تتسبب في نفوق أعداد كبيرة من النحل، مضيفا: تلك الظروف السيئة احد الأسباب الرئيسية في إقبال النحالين على استيراد النحل من مصر، التي تعتبر أجواؤها مشابهة الى حد ما خلال فصل الصيف مع الكويت.
العرض والطلب
أما الأمين العام المساعد لاتحاد النحالين العرب المهندس معزي الرشيدي فقال لـ القبس «نتطلع الى ان يكون هذا العام، أفضل من الأعوام الماضية من حيث إنتاج العسل، خصوصا في ظل غياب طائر الخضيري، الذي يخيف دائما النحل ويمنعه من الخروج من خليته ويلتهم عددا كبيرا منه إذا رأه».
وتابع: أسعار عسل السدر في البلاد، تخضع لمسألة العرض والطلب، ونظرا لتزايد الطلب عليه خلال السنتين الماضيتين، لما يتميز به من جودة، فمن المتوقع ان يصل سعر الكيلو غرام منه في الأسواق المحلية المختلفة الى 20 دينارا.
أقدم نحال: مستمرون في الإنتاج رغم التحديات
قال النحال سعود العجمي، الذي يعتبر نفسه احد أقدم مربي النحل في البلاد، والذي يمتلك 200 خلية نحل، يضعها في حديقة منزله بمنطقة صباح الناصر، «في كل عام أبدأ مبكرا في الاستعداد لموسم عسل السدر، ولقد بدأت خلال هذا الموسم منذ أواخر شهر يوليو الماضي، من خلال تنظيف الخلايا وتوفير مواقع مظللة للطرود بعيدة عن أشعة الشمس المباشرة». وأضاف: بالرغم من التحديات التي تواجه النحالين الكويتيين، فهم مصرون على الاستمرار في عملهم، من منطلق إيمانهم الكامل بأهمية سد احتياجات المواطنين والمقيمين من العسل المحلي.
سيارة ممتلئة بالنحل
خلال تواجدنا برفقة توفيق المشاري في منحله بمنطقة الدوحة، زارنا النحال مبارك الشتلان، بسيارته والتي كان محمل بها عدد كبير من الطرود الممتلئة بآلاف النحل، وقال لنا: الآن أتجه أنا ايضا لتفريغ النحل في الخلايا.
تربية النحل في أميركا مدرسة
ارجع العم توفيق المشاري الفضل في تعلمه كيفية تربية النحل وإنتاج العسل، بعد الله تعالى، الى عدد من النحالين في الولايات المتحدة، وقال لــ القبس «كنت اشاهدهم وهم يعملون في المناحل الصغيرة المتواجدة في حدائق منازلهم، خلال فترة دراستي هناك عام 1984.
طائر الخضيري.. أرجوك ابتعد
تمنى النحالون الذين التقتهم القبس خلال جولتها، ألا يزور طائر «الخضيري» البلاد خلال موسم عسل السدر هذا العام، فهو يعتبر سببا رئيسيا في انخفاض معدل إنتاج العسل، كونه يلتهم النحل الذي يخرج طلبا للرحيق ويمنع الباقي من مغادرة خلاياه.
دورات الهيئة متخصصة
امتدح النحالون الدور الكبير الذي تقدمه الهيئة العامة للزراعة في نشر الثقافة الزراعية بالبلاد، خصوصا اقامتها دورات متخصصة كل عام لشرح كيفية تربية النحل بشكل مفصل للمواطنين والمقيمين.
في انتظار ملكة نحل كويتية
مازال النحالون في البلاد، يتطلعون الى انتاج ملكة نحل كويتية، قادرة على التعايش مع الظروف المناخية خلال فصل الصيف، وتبيض الأعداد الكافية لإنتاج العسل. وقد لوحظ تزايد إقبال المواطنين والمقيمين على شراء العسل بأنواعه المختلفة، خصوصا عسل السدر، وأرجع النحالون ذلك، كون العسل يستخدم للغذاء والتداوي معا، باعتباره غنيا بالمعادن المقوية للجسم.
http://www.alqabas.com.kw/node/182665